نمرّ في الحياة بلحظات تجعلنا نعيد التفكير في أنفسنا، في اختياراتنا، في علاقاتنا، وفي الطريق الذي نسير فيه.
لكن هناك درس واحد — عندما فهمته حقًا — لم يعد شيء كما كان.
ذلك الدرس كان ببساطة:

“ما تقبله اليوم… ستعيشه غدًا.”

كنت أظن أن الصبر على ما لا يرضيني قوة،
وأن التحمل من أجل التعايش نضج،
وأن تأجيل المواجهة حكمة،
لكن اكتشفت أن التأجيل ليس حلًا، بل اتفاقًا صامتًا على البقاء في الوضع الذي أتمنى تغييره.


تقبلت القليل… فعشت أقل مما استحق

قبلت أن أتجاهل حقوقي كي لا أزعج أحدًا،
قبلت أن أؤجل حلمي كي يمر الوقت بسلام،
قبلت أن أحمّل نفسي فوق طاقتها كي لا أُقال لا،
قبلت كلمات تقلل مني بحجة أني أتفهم،
قبلت علاقات مؤقتة على أمل أن تصبح دائمة،
قبلت ظروفًا سيئة وقلت “ستتحسن مع الوقت”…
لكن الوقت لا يصلح ما نتجاهله،
بل يجعلنا نعتاد عليه.

عندما فهمت أن الصمت على ما يؤذيك هو موافقة غير معلنة،
بدأ كل شيء يتغير.


الدرس لم يكن قسوة… بل احترام للذات

الشجاعة ليست في أن تهاجم،
ولا القوة في أن تقسو،
لكنها تكمن في القدرة على أن تقول بثقة:

  • “هذا لا يناسبني.”

  • “هذا لا يليق بي.”

  • “هذا يتجاوز حدودي.”

  • “لن أكمل بهذا الشكل.”

احترام الذات ليس غرورًا،
إنه مسؤولية.
لأنك عندما لا تضع حدودًا،
سيضع الآخرون حدودًا لما تستحقه.


التغيير لم يحدث عندما تكلمت مع الناس… بل عندما تكلمت مع نفسي

أصعب من مواجهة الآخرين،
هي مواجهة نفسك:
أن تعترف أنك سمحت بالأذى،
أن ترى أين ضعفت،
أن تدرك أنك كنت تستحق أفضل ولكنك لم تطلبه.

لكن هذا الاعتراف ليس جلدًا للذات،
إنه بداية التحرر.

عرفت حينها أن:
أنت تعلّم الناس كيف يعاملونك من خلال ما تقبله بصمت.


ومن هنا تغيّر كل شيء

عندما تغيّر ما أقبله،
تغيّرت ردود أفعالي،
تقصُر خطواتي أحيانًا، لكنها خطوات في الاتجاه الصحيح.
تقل العلاقات، لكنها تصبح حقيقية.
تختفي الضوضاء، لكن الهدوء يصبح صديقًا.

لم يعد هدفي أن أكون جيدًا في عيون الجميع،
بل أن أكون صادقًا مع نفسي أولًا.

تغيرت اختياراتي،
تغيرت أولوياتي،
وتعلمت أن الحياة لن تعطيك ما تستحقه،
بل ما تقبل أن تعيش به.


الخلاصة

هناك لحظة يفهم فيها الإنسان أن:
التغيير لا يبدأ عندما يتغير الآخرون، بل عندما يتغير ما تقبله أنت.
أن تكون طيبًا لا يعني أن تقول نعم للجميع.
وأن تحب الناس لا يعني أن تؤذي نفسك لأجلهم.

عندما تعرف قيمتك،
لن يصعب عليك أن ترفض ما لا يناسبك،
ولن تخشى خسارة ما كان عبئًا،
ولن تتأخر عن بداية جديدة تستحقها.

قد لا تستطيع تغيير الماضي،
لكن يمكنك تغيير ما تقبله اليوم —
والباقي سيتغير وحده. ✨