طوال حياتي اعتقدت أن النجاح قرار كبير، وأن التغيير يحتاج ثورة داخلية، وأن التحولات العميقة في التفكير لا تأتي إلا من مواقف صادمة أو تجارب قاسية.
لكن ما لم أكن أتوقعه أن كلمة واحدة فقط، سمعـتُها بالصدفة، استطاعت أن تغيّر طريقة تفكيري إلى الأبد.
الكلمة كانت:
“بدلًا من لماذا… اسأل ماذا الآن؟”
قد تبدو مجرد جملة، لكنها ليست كذلك.
إنها مسافة كاملة بين عقل يعيش في الماضي، وعقل يتعامل مع الحاضر.
بين عقل يدور حول المشكلة، وعقل يتحرك نحو الحل.
“لماذا” تُغرقك في دائرة لا نهاية لها
عندما نواجه مشكلة أو نمر بخسارة، أول سؤال نسأله عادة هو: “لماذا حدث ذلك؟”
-
لماذا فشلت؟
-
لماذا خذلني هذا الشخص؟
-
لماذا لم أحصل على الفرصة؟
-
لماذا لم تكن الأمور كما توقعت؟
هذا السؤال يجعلنا نفكر كثيرًا، ولكن دون نتيجة.
لأن “لماذا” تُركز على الماضي، واللوم، والتحليل الزائد،
وتجعل المشكلة أكبر وأعمق في رؤوسنا مع كل مرة نعيد فيها السؤال.
“لماذا” تجعلك:
-
تفسّر
-
تلوم
-
تبرّر
-
تتشكك
-
وتستنزف مشاعرك
ولا تقترب خطوة واحدة من الحل.
“ماذا الآن؟” تنقلك من التفكير إلى الحركة
عندما بدأت أستبدل السؤال، لاحظت الفرق بعد أيام.
عندما يحدث شيء سيء، بدلًا من:
“لماذا أنا؟”
أسأل:
“ماذا يمكنني أن أفعل الآن؟”
-
ماذا تعلمت؟
-
ما الخطوة القادمة؟
-
ما الخطأ الذي لن أكرره؟
-
ما الفرصة البديلة؟
-
ماذا أستطيع أن أفعل بما أملكه الآن؟
هذا السؤال البسيط أعادني من الماضي إلى الحاضر.
من الندم إلى الفعل.
من الشكوى إلى التفكير.
من الشلل إلى الحركة.
“ماذا الآن؟” ليست تجاهلًا للألم
هي ليست دعوة لتجاهل المشاعر،
ولا لتجاوز الجرح دون فهمه.
لكنها دعوة ألا نسكن في الماضي،
ولا نمنح مشكلة واحدة القدرة على شلّ حياتنا بالكامل.
الفرق بين القوي والضعيف ليس أن القوي لا يسقط،
بل أنه حين يسقط، يسأل سؤالًا مختلفًا:
“ماذا أفعل لأقف من جديد؟”
هذه الكلمة غيّرت تقديري لذاتي
عندما توقفت عن السؤال “لماذا يحدث هذا لي؟”
توقفت عن رؤية نفسي كضحية.
أصبحت أتعامل مع نفسي كشخص مسؤول،
يمتلك القدرة على التعديل،
ولا ينتظر من الظروف أن تتغير كي يتحرك.
الخلاصة
هناك كلمات كثيرة نسمعها وننساها،
لكن هناك كلمات نسمعها فنشعر أنها توقظ شيئًا داخلنا.
كلمة “ماذا الآن؟”
كانت بالنسبة لي المفتاح الذي فتح بابًا مختلفًا للعقل.
جربها في لحظة ضيق،
في موقف صعب،
في فشل لم تفهم سببه.
اسأل نفسك بهدوء:
“حدث ما حدث… ماذا الآن؟”
قد تكتشف أن الحل أقرب مما تظن،
وأن المشكلة رغم ألمها، كانت بداية جديدة تنتظر سؤالك الصحيح. ✨