اعتدنا أن نربط فقدان الحماس بالظروف:
سوء العمل، قلة الدخل، ضغوط الحياة، اكتظاظ المسؤوليات، أو حتى الملل من الرتابة.
كلها أسباب تبدو منطقية، لكن هناك سبب أعمق، وأكثر تأثيرًا، وغالبًا لا ننتبه له.

السبب الحقيقي وراء فقدان الحماس هو أننا نحاول العيش بطاقة العاطفة فقط، دون أن ندعمها بالعادة والاستمرارية.

الحماس مثل شرارة، يشتعل بقوة، لكنه لا يستمر وحده.
يظهر عندما نسمع كلامًا محفزًا، نشاهد فيديو ملهم، أو نبدأ مشروعًا جديدًا.
لكن بعد أيام، وربما ساعات، تخفت تلك النار.
ثم نتساءل بدهشة: أين ذهب الشغف؟ لماذا انطفأ بسرعة؟

الحماس شعور… والإنجاز سلوك

المشكلة أننا ننتظر من الشعور أن يقود السلوك،
بينما الحقيقة أن السلوك هو الذي يعيد إشعال الشعور.

تخيل أنك تنتظر أن تشعر بالرغبة في الرياضة كي تذهب للنادي،
أو تنتظر الحماس حتى تبدأ مشروعًا،
أو تنتظر المزاج المناسب لتكتب كتابًا أو تتعلم مهارة.

ستنتظر طويلًا… وربما للأبد.

الأذكياء لا يعتمدون على الحماس، بل على النظام.
العادة هي القارب الذي يعبر بك البحار الطويلة،
الحماس مجرد ريح… تدفع القارب قليلًا، لكنها لا تستطيع حملك إلى النهاية.

لماذا نفقد الحماس؟

لأننا:

  • نبدأ بقوة أكبر من اللازم.

  • نضع أهدافًا ضخمة في وقت قصير.

  • نريد نتائج سريعة.

  • نقارن بدايتنا بنهاية الآخرين.

  • نثق في الحماس أكثر من خطة التنفيذ.

ثم عندما لا تتحقق النتائج بسرعة، نظن أن المشكلة في الهدف أو في قدراتنا أو أننا لسنا من “أصحاب النجاح”.

لكن الحقيقة أننا ركضنا 100 متر في سباق يحتاج 10 كيلومترات.

السر: اجعل الحماس يدخل من الباب، لكن اجعل العادة تبقى في المنزل.

عندما تفعل شيئًا كل يوم — ولو قليلًا — يصبح جزءًا منك،
ولا تحتاج إلى الشعور للحركة، لأن الحركة أصبحت تلقائية.

5 دقائق قراءة يوميًا أفضل من قراءة 100 صفحة مرة في الشهر.
10 دقائق تمرين يوميًا أقوى من الذهاب للنادي بعد شهر كسول.
كتابة سطر كل يوم أقرب للكتاب من انتظار إلهام لا يأتي.

العادة تخلق الحماس وليس العكس

الغريب أننا نظن أن النجاح يصنع العادة،
لكن الذي يحدث فعلًا أن:
العادة هي التي تصنع النجاح… والحماس يعود بعدها.

عندما ترى أول نتيجة صغيرة،
عندما تشعر أنك ملتزم بشيء لنفسك،
عندما تلاحظ أنك أفضل مما كنت،
ستجد أن الحماس يعود، ولكن ليس كشرارة… بل كوقود.

الخلاصة

المشكلة ليست في أنك فقدت الحماس،
المشكلة أنك اعتمدت عليه أكثر مما يجب.

الحماس جيد للبداية…
لكن العادة هي التي تحفظ الطريق نحو النهاية.

لذلك:

  • ابدأ صغيرًا

  • استمر مهما كان الشعور

  • لا تربط تقدمك بالمزاج

  • دع العمل يقود الشعور، لا العكس

المفاجأة الحقيقية:
الحماس ليس سبب النجاح… بل نتيجة له.