تستعد المملكة العربية السعودية لإطلاق أول قمر صناعي مخصص للأبحاث البيئية في إنجاز علمي وتقني جديد يعزز مكانتها الرائدة في مجالات الفضاء والاستدامة البيئية على مستوى المنطقة والعالم. ويأتي هذا المشروع الاستراتيجي ضمن جهود المملكة لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، التي تركز على توظيف التقنيات المتقدمة في خدمة التنمية المستدامة وحماية البيئة.
وأعلنت الهيئة السعودية للفضاء بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (كاكست) عن الانتهاء من المراحل النهائية لتصميم وتصنيع القمر الصناعي، الذي سيُطلق خلال النصف الأول من عام 2026، ليكون أول قمر صناعي سعودي مخصص بالكامل لرصد الظواهر البيئية والتغيرات المناخية باستخدام تقنيات استشعار عن بُعد عالية الدقة.
وأوضح البيان الرسمي أن القمر الصناعي الجديد سيُستخدم في رصد جودة الهواء، ومراقبة الغطاء النباتي، وتتبع حركة الغبار والعواصف الرملية، ومراقبة الانبعاثات الكربونية، إلى جانب قياس التغيرات في درجات الحرارة ومستويات الرطوبة على مدار العام. وستُسهم هذه البيانات في دعم خطط الدولة لمكافحة التصحر وتطوير مشاريع “السعودية الخضراء” و“الشرق الأوسط الأخضر”.
ويتميز القمر الصناعي بقدرته على إرسال البيانات بشكل مباشر إلى مراكز التحليل الوطنية، ما يتيح للجهات المختصة الاستجابة السريعة لأي تغيرات بيئية أو مناخية، كما سيوفر قاعدة بيانات دقيقة تُستخدم في الأبحاث الأكاديمية والدراسات العلمية داخل المملكة وخارجها.
من جانبه، أوضح رئيس الهيئة السعودية للفضاء، الدكتور محمد بن سعود التميمي، أن هذا المشروع يمثل خطوة استراتيجية نحو تعزيز السيادة التقنية للمملكة في مجال الفضاء، مضيفًا أن القمر الصناعي الجديد تم تطويره بأيادٍ وطنية وبالتعاون مع شركاء دوليين، ليكون منصة علمية متقدمة تدعم المشاريع البيئية الكبرى وتخدم أهداف التنمية المستدامة.
كما أكد أن هذا الإنجاز يُعد امتدادًا لنجاحات المملكة السابقة في إطلاق الأقمار الصناعية المخصصة للاتصالات والملاحة والاستشعار عن بُعد، مشيرًا إلى أن السعودية أصبحت اليوم من الدول القليلة في المنطقة التي تمتلك قدرات بحثية وصناعية متكاملة في قطاع الفضاء.
وسيسهم القمر الصناعي البيئي في دعم خطط المركز الوطني للأرصاد وهيئة البيئة والمياه والزراعة، من خلال تزويدها بصور وبيانات آنية تساعد على اتخاذ القرارات الدقيقة في مجالات إدارة الموارد الطبيعية والتنبؤ بالطقس ومراقبة التلوث البيئي.
كما سيساعد المشروع على رفع كفاءة الاستجابة للكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والعواصف، عبر توفير صور عالية الدقة تساعد في تحديد المناطق المتأثرة والتعامل معها بسرعة وفعالية.
ويأتي هذا الإطلاق ضمن سلسلة من المبادرات الوطنية الهادفة إلى تعزيز الابتكار في قطاع الفضاء، حيث تعمل الهيئة السعودية للفضاء على تدريب الكفاءات الشابة، وإطلاق برامج تعليمية وبحثية بالتعاون مع الجامعات السعودية والعالمية.
واختتمت الهيئة بيانها بالتأكيد على أن القمر الصناعي البيئي السعودي يمثل نقلة نوعية في مسار الابتكار العلمي الوطني، مشيرة إلى أن البيانات التي سيوفرها ستسهم في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، بما ينسجم مع أهداف رؤية المملكة 2030 في بناء اقتصاد معرفي مستدام يضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة في مجالات البحث العلمي والتقنية والفضاء.